وهنا كشف جلي كما ترى لكثير من أصناف ما ذكرناه. وقد ترى في عجز البيت الثالث كيف اختلط معنى الغزل المحض بمعنى الحزن الذي في الصدر- ولا يخلو قول أبي تمام:
ونؤي مثلما انفصم السوار
من إيهام ولو على سبيل الافتنان والبراعة إلى ذكرى عهد فتاة بعينها، ومصدر مثل هذا الإيهام ما المعنى متضمن له من الإشارة إلى تشبيه النؤى بالوقف وما جاء في الوقف من قرى قول سحيم:
وألقف رضا من وُقوف تحطما
وقال الشريف المرتضى في أماليه:«وقد عاب عليه قوله -لطمن حزنًا- بعض من لا معرفة له، وقال: لا فائدة في قوله -حزنًا-، ولذلك فائدة، وذلك أن لطم الحزن أوجع، فتأثيره أبلغ وأظهر وأبين. وقد يكون اللطم لغير الحزن. فأما قوله- «نؤى مثلما انفصم السوار» - فمأخوذ من قول الشاعر:
نؤى كما نقص الهلال محاقه ... أو مثلما فصم السوار المعصم
وقد شبه الناس النؤي بالسوار والخلخال كثيرًا. أ. هـ. كلام السيد المرتضى. وأقول أن قوله «حزنًا» فيه أشعار القصد إلى التشبيه بالنوائح، وليس أبو تمام ممن يخفى عليه مثل هذا من رموز الشعراء. وقال حميد بن ثور الهلالي:
فغادرن مُسود الرماد كأنه ... حصي إثمد بين الصلاء سحيق
وسُفعا ثوين العام والعام قبله ... على موقد ما بينهن دقيق