أي متقاربات مسافة ما بينهن ضيقة- وهنا كما ترى تشبيه الرماد بالإثمد وهو لاحق بالشفة وما يليها. وفيه نفس من قول الشماخ:
كميتا الأعالي جونتا مُصطلاهما
ومما أغرب فيه أبو تمام في نعت الطلول، وما أغرابه إلا أنه ضمن نعت الأثافي التشبيه بالثواكل في معرض النعت، ولمح إليهن تلميحًا من غير تصريح قوله:
قفوا جددوا من عهدكم بالمعاهد ... وإن هي لم تسمع لنشدان ناشد
لقد أطرق الربع المحيل لفقدهم ... وبينهم إطراق ثكلان فاقد
وإطراق الربع بعيد في الاستعارة، إن غفلنا عن معنى الأثافي.
وقال أيضًا ولمح إلى معاني الأثافي والحمام من بعد بعيد:
سقى عهد الحمى سبل العهاد ... وروض حاضر منه وباد
نزحت به ركي العين أني ... رأيت الدمع من خير العتاد
فيا حُسن الرسوم وما تمشى ... إليها الدهر في صور البعاد
وإذ طير الحوادث في رُباها ... سواكن وهي غناء المراد
مذاكي حلبة وشروب دجن ... وسامر فتية وقدور صاد
وأعين ربرب كحلت بسحر ... وأجساد تضمخ بالجساد
بزهر والحُذاق وآل بُرد ... ورت في كل صالحة زنادي
فإن يك في بني أدد جناحي ... فإن أثيث ريشي من إياد
همو عُظم الأثافي من نزار ... وأهل الهضب منها والنجاد
أي هموجبل نزار. وإنما سوغ ذكر الريش والجناح والأثافي مع القدور والربرب والمذاكي وطير الحوادث وهلم جرا، ما كان يستشعره أبو تمام من أنه إذ يذكر سابقته مع ابن أبي دؤاد، قد كان كأنما يقف ويستوقف على ربع عفا- وكل هذه