وقال المرقش الأصغر:
إلا حبذا وجه ترينا بياضه ... ومُنسدلات كالمثاني فواحما
والإشعار بمعنى الليل في كلا هذين الكلامين لا يخفى والفعل يغشى وهو ههنا مضعف مما يكثر ورود ذكره في الليل، قال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)}.
وقد صار تشبيه الشعر بالليل من «كليشهات» المتأخرين الدائرة أيما دوران.
قال أبو الطيب:
كشفت ثلاث ذوائب من شعرها ... في ليلة فأرت ليالي أربعا
واستقبلت قمر السماء بوجهها ... فأرتني القمرين في وقت معًا
وهذا باب يطول فيه الحديث، ومن أجمل ما جاء في ليالي الإنس واللهو وأعجبه إلى قول العبد:
تعاورن مسواكي وأبقين مُذهبًا ... من الصوغ في صُغرى بنان شماليا
وقلن ألا يا العبن ما لم يردنا ... نعاس فإنا قد أطلنا التنائيا
لعبن بدكداك خصيب جنابه ... وألقين عن أعطافهن المراديا
وما رمن حتى أرسل الحي داعيًا ... وحتى بدأ الصبح الذي كان تاليًا
وحتى استبان الفجر أشقر ساطعًا ... كأن على أعلاه سبًا يمانيًا
فأدبرن يخفضن الشخصو كأنما ... قتلن قتيلاً أو أصبن الدواهيا
وأصبحن صرعى في البيوت كأنما ... شربن مُدامًا ما يُجبن المُناديا
فعزيت نفسي واجتنبت غوايتي ... وقربت حُرجوج العشية ناجيًا
ومن ههنا تبدأ الحسرة وادعاء التسلي ولا سلوان. وحق هذا أن يستشهد به في الفصل التالي، وهو فصل الغزل والنعت، ولكن كل هذه المعاني مما تتداخل كما قدمنا.