للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل هذا المعنى كله من معنى المأوى والدار والألفة، فإنه متى فقد المرء ألفه حن إليه وكان الليل لذلك أدعى وقد كشف هذا المعنى قيس بن ذريح حيث قال:

أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهم بالليل جامع

نهاري نهار الناس حتى إذا دجا ... لي الليل هزتني إليك المضاجع

وقد أكثر الشعراء في طول الليل، من ذلك الكلمة المشهورة:

في ليل صول تناهي العرض والطول ... كأنما ليله بالليل موصول

وهي مما استهل به صاحبه.

ومما استهل به أيضًا كلمة الراعي اللامية وذكر الهم والليل:

ما بال دفك بالفراش مذيلاً ... أقذى بعينك أم أردت رحيلاً

لما رأت أرقى وطول تلددي ... ذات العشاء وليلي الموصولا

قالت خُليدة ما عراك ولم تكن ... أبدًا إذا عرت الشئون سئولا

أخليد إن أباك ضاف وساده ... همان باتا جنبه ودخيلاً

وقد جارى الراعي في مطلعه هذا كلمة الأسود بن يعفر:

نام الخلي وما أُحس رُقادي ... والهم محتضر لدي وسادي

ويعجبني في هذا المجرى ما رواه المبرد في كامله لأحد الأعراب:

ما لعيني كُحلت بالسواد ... ولجنبي نابيًا عن وسادي

لا أذوق النوم إلا غرارًا ... مثل حسو الطير ماء الثماد

أبتغي إصلاح سُعدى بُجهدي ... وهي تسعى جُهدها في فسادي

فتتاركنا على غير شيء ... ربما أفسد طول التمادي

وهذا لاحق بباب العذل وهو من الغزل وسنلم به إن شاء الله

<<  <  ج: ص:  >  >>