للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأعشى مستهلاً بالأرق والسهاد:

أرقت وما هذا السهاد المؤرق ... وما بي من سُقم وما بي معشق

ولكن أراني لا أزال بحادث ... أُغادي بما لم يُمس عندي وأُطرق

وقد عدد أسباب الأرق كما ترى وذكر أن الذي أرقه هو توالي النكبات من غير سابق توقع.

وقال الفرزدق وعلل طول ليل المهموم:

يقولون طال الليل والليل لم يطل ... ولكن من يشكو من الحب يسهر

وأوفى هذه المعاني قول امرئ القيس لما سوى فيه بين الليل والنهار عند انقطاع الرجاء أو تضعضعه.

وذكر النجوم كثير مع ذكر ليل الهم في باب النسيب وذلك أن المهموم برعاهن.

قال النابغة:

كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أُقاسيه بطيء الكواكب

تطاول حتى قلت ليس بُمنقض ... وليس الذي يرعى النجوم بائب

وصدر أراح الليل عازب همه ... تكاثر فيه الهم من كل جانب

وهذا من أشرف ما قيل في بابه. وقريه مختلف عن قري امرئ القيس لأن كلام امرئ القيس كلام متأمل في أحوال الدهر بلا شبابًا غضًا ثم انحسرت آماله. أما كلام النابغة فكلام سري لم تشرده الأقدار وأحوال الزمان ولكنهن أشعرنه الهموم الحرار الدخائل، مما يحفز صاحبه على العمل والأمل وإن عز المطلب. قال:

كتمتك ليلاً بالجمومين ساهرًا ... وهمين باتا مُستكنًا وظاهرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>