للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا يخلطون بين الوزنين الطويل والقصير في مسمطات، شطران منها أو ثلاثة أشطار تجيء على وزن "مستفعلن مفعولات" والشطر الأخير: "مستفعلن مستفعلن مفعولات" (١) نحو قول الدرامي (المفضليات ٤٣٠):

الورد ورد عجلان ... والشيخ شيخ ثكلان

والجوف جوف حران ... أنعى إليك مرة بن سفيان

ولا شك أن هذا النوع من النظم كان شائعًا في الجاهلية، برغم أني لم أجد منه إلا هذا الشاهد المنفرد (٢). وأرجح أن رواية ابن دارة كما كان ينشدها الصبيان هي (هذا مجرد حدس يقويه وزن الدارمي):

حدبدبا منك الآن ... بدبدبا منك الآن

استمعوا أنشدكم يا ولدان

حدبدبا منك الآن ... بدبدبا منك الآن

إن بني فزارة بن ذبيان

وهلم جرًا

ودليل على ما أزعمه من شيوع هذا الوزن بين العرب الأولين في شعرهم الشعبي مع أن شاهدي واحد، هو أن هذا الشاهد مع غرابته وشذوذه، صحيح الرواية (رواه ابن الأنباري عن شيوخه) فلا يستبعد أنه قد كانت له نظائر أهملها الرواة لغرابتها وشذوذها. وفضلًا عن ذلك فإن هذا الوزن بعينه مستعمل الآن بين بدو السودان، وقد أخذ يدخل في الأغاني "الأمدرمانية". ولا يمكن أن يكون أهل


(١) هذا يؤيد ما قدمته من أن هذا الوزن رجز.
(٢) بل مثله قول عنترة: أنا الهجين عنترة كل امريء يحمى حره أسوده وأحمره والشعرات الواردات مشفره.

<<  <  ج: ص:  >  >>