للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوليات خبر سيدنا إبراهيم وغير ذلك كقوله تعالى: في سورة النحل {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)} فههنا إشعار بأن الله مسخرها هو الذي ينبغي أن يعبد لا هي أو كما قال تعالى في «فصلت»: {وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)} - وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى من آية النحل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فجمع الآية وذكر العقل لأن الآثار العلوية أظهر على القدرة الباهرة وأبين شهادة للكبرياء والعظمة (١) أ. هـ وأحسب الزمخشري لم يخل من نظر في قوله هذا إلى ما كان يزعمه الفلاسفة من ارتباط العقل بالأجرام السماوية. وتلك بقية من عبادة النجوم.

وقد نهى الحديث عن قول العرب «مطرنا بنوء المجدح» إذ كانوا ينسبون المطر والسقيا إلى الأنواء وإنما الساقي الله. وزعموا أن الأصمعي كان يتحرج أو يمتنع من تفسير ما جاء فيه ذكر الأنواء من كلام القدماء تدينا وورعًا. ولعمري ما كان أكثر ما امتنع عن شرحه على هذا القول. ولقد غبر الناس بعد التوحيد ينسبون الأمطار إلى أنواء النجوم على سبيل التوقيت. وأمثال الفلاحين العامية عندنا وعند سائر الأمم الناطقة بالعربية كثير مثل قولهم «مطرًا بعد العصى قسى» (٢) - وقد جمع قطرب في كتاب الأزمنة قطعة صالحة من سجعات العرب القدماء في هذا الباب (٣) وقال ذو الرمة:

ضم الظلام على الوحشي شملته ... ورائح من نشاص الدلو منسكب


(١) الكشاف، المكتبة التجارية، مصر ١٣٥٤ هـ ج ٢ - ٣٢٤.
(٢) العصى الجوزاء أي متى طلعت الجوزاء فلا مطر وسموها عصيًا لأن وشاحها ثلاث نجوم.
(٣) منه نسخة خطية في المتحف البريطاني في مكتبة القسم الشرقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>