للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفرزدق ونظر إلى هذا:

قيامًا ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالاً

وصيغة القمر في اللغة التذكير. وكان الغالب على القدماء أن يشبهوا به الرجل. وقالوا للسيد من القوم بدر وسموا بذلك بدرًا أبا حذيفة بن بدر سيد بني فزارة.

وقال ابن أحمر:

وقد نضرب البدر اللجوج بكفه ... عليه ونُعطي رغبة المتودد

وقالوا سمي بدر السماء بدرًا لأنه يبادر الشمس أن تغيب وفي هذا معنى القرآن كما ترى (١). وقرانات القمر معروفة. ولا ريب أن القمر قد كان عندهم من الآلهة المذكرة وأحسبه كان زوج الشمس فلذلك غلبوه عليها فقالوا «القمران»: وكان مما يعتقدونه في القمر، على وجه تأليهه وتذكيره، أنه قد يقلص القلفة، فكانوا إذا هجوا أقلف قالوا هو أقلف إلا ما نقص منه القمر (٢). وأحسب إنه من أجل هذا التذكير قد قل شعر جاهلي تجد فيه المرأة مشبهة بالقمر، وإنما كانوا يشبهونها بالشمس كما مر بك.

ومن تشبيه المرأة بالقمر الذي يجيء نادرًا، من باب حمل الضد على ضده، ما روي من قوله «بيضاء بهترة، حالية عطرة، حيية خفرة، كأنها ليلة قمرة» - ومعنى الليلة وهي مؤنثة أوضح ههنا- وربما كان هذا الكلام إسلاميًا أو مصنوعًا.

وقول عمرو بن معد يكرب:

وبدت لميس كأنها ... قمر السماء إذا تبدى


(١) راجع مادة (بدر) اللسان.
(٢) راجع مادة قمر (اللسان).

<<  <  ج: ص:  >  >>