للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه مصنوع وقد اضطرب فيه الشراح

وقول النابغة «أقمر مشرفًا» ليس من هذا الباب. وقال جميل:

هي البدر حُسنًا والنساء كواكب ... وشتان ما بين الكواكب والبدر

لقد فُضلت حُسنًا على الناس مثلما ... على ألف شهر فُضلت ليلة القدر

وأثر الإسلام هنا ظاهر. وقد باعد الإسلام بين العرب وبقايا عبادة الخصوبة الجاهلية أيما مباعدة، على أنها لم تختف من الشعر كل الاختفاء.

وقال آخر:

فتاتان أما منهما فشبيهة ... هلالاً وأخرى منهما تُشبه البدرا

وأحسب أن القمر جعل يغلب الشمس في معرض وصف الجمال عند الإسلاميين لجامع الشبه بن سمو الأنظار إلى الحسناء، وخاصة عند المفاجأة، إذ قد أخذ الحجاب يتلئب أمره، وكان غض البصر مما يأمر به الشرع، وسموها عند مشاهدة الأهلة التي هي مواقيت للناس والحج.

وقال عمر بن أبي ربيعة:

وجلت أسيلاً يوم ذي خشب ... ريان مثل فُجاءة القمر

ولا ريب أنها كانت مختمرة.

وقال أيضًا:

رخصة حوراء ناعمة ... طفلة كأنها قمر

وفي هذا تعمد لئلا يشبهها بالشمس، كأنه يزعم أن ضوء القمر اللين أشبه بها. ولا جرم أن رقة العيش التي أحدثها الإسلام في حياة أهل الأمصار، قد جعلت تميل بهم إلى بعض اللين في الأخيلة والتعابير. وقد فطن ابن سلام في طبقاته إلى لين أشعار

<<  <  ج: ص:  >  >>