وأهل الأمصار في الجاهلية، فكيف بذلك منها بعد الذي كان من الرفة أيام عمر وعثمان وعلي ومعاوية.
ومما هو من سنخ رمزية الجاهلية من كلام عمر قوله:
بينما يذكرنني أبصرنني ... دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قلن تعرفن الفتى قُلن نعم ... قد عرفناه وهل يخفى القمر
وأوضح من هذا مما هو مشعر بتذكير القمر، ما استشعره فيه معنى الرقيب الذي يُغار من مكانه، ويحذر لقاؤه، وينتظر غيابه، حيث قال:
وغاب قُمير كنت أرجو غُيوبه ... وروح رُعيان ونوم سمر
والنموذج الذي احتذاه عمر في هذه القصيدة جاهلي كالذي عند امرئ القيس. ونأمل أن نتعرض لهذا من بعد إن شاء الله.
وقال جران العود في نحو مذهب ابن أبي ربيعة وقد مر بك:
فلما علانا الليل أقبلت خُفية ... لموعدها، أعلو الإكام وأظلف
ومن أخبث ما جاء في مراقبة القمر أن يغيب قول جرير يهجو:
ما بال برزة في المنحاة قد نذرت ... صوم المحرم إن لم يطلع القمر
إن الذين أضاؤوا النار قد عرفوا ... آثار برزة والآثار تقتفر
وموضع الخبث هنا مكان النذر مع المعصية، إذ برزة فيما زعم جرير قد بلغ من ولعها بالفجور أنها نذرت صوم المحرم إن غاب لها القمر حتى تخرج إلى صاحبها في سواد.
هذا وقد تبع أوائل المولدين مذهب عمر ثم شاع عندهم أيما شيوع حتى لقد ابتذل التشبيه بالقمر من كثرته، وكاد ينسى تشبيه المرأة بالشمس إلا ما يقع عند