للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنجوم مما يتأملهن الشعراء من أجل حسنهن واعتلائهن وفي الذي مر بك شواهد كثيرة من ذلك. وحتى الذين يرعون النجوم من أجل الهم والسهر لا يعزبون عن تأمل جمالهن كالذي رأيت في كلام النابغة والمهلهل- إلا أن تأملهم تشوبه ذاتية ما هم بصدده، ولذلك ما زعمنا أن قري امرئ القيس حيث ذكر الليل والنجم مختلف عنهم، لما فيه من معاني التجرد والتأمل المحض.

وأدخل في باب التغني بالنجوم وحسنهن قوله:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل

ويمازج هذا نفس من غزل كما ترى.

وقول جرير الذي مر، وقوله من أخرى:

لقد فاضت دموعك يوم قر ... لبين كان حاجته ادكارًا

أبيت الليل أرقب كل نجم ... تعرض حيث أنجد ثم غارا

وقول النابغة:

أقول والنجم قد مالت أوائله ... إلى المغيب تأمل نظرة حار

ألمحه من سنا برق رأى بصري ... أم ضوء نُعم بدأ لي أم سنا نار

وفي هذا تشبيه خفي لوجهها بالشمس وضوء الفجر.

وقول امرئ القيس:

نظرت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تُشب لقفال

كل ذلك لاحق بمعنى إجراء النجوم مجرى البرق والنار في معرض الترنم بأشجان الحنين. ويوشك أن يلحق بهذا ما يذكره الشعراء من تأمل النجوم بعد طروق الطيف وزواله وتأريقه لهم- وهذا باب سنلم به فيما يلي إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>