هذا وللمتأخرين من المولدين مذهب في تأمل الأجرام العلوية ينظرون فيه إلى الفلسفة والتنجيم كما قد ينظرون إلى طريقة القدماء في الحنين والسهر والتأمل. إلا أن أسلوب البديع والتطرف بمحسناته أغلب على منهجهم. وهذا باب يحتاج إلى أن يفرد له بحث قائم به في غير هذا الموضع. والقارئ أصلحه الله يعلم نحو قول ابن المعتز:
أنظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر
وقول المعري:
ليلتي هذه عروس من الزنـ ... ج عليها قلائد من جُمان
وقد جرى في هذا على مذهب البديع، وله بالنجوم والنيرات ولع يكاد ينفرد به وقد عرضنا لشيء منه في فصلنا عن الدرعيات.
وقول البحتري:
عكست حظه الليالي وأمسى الـ ... مشتري فيه وهو كوكب نحس
وهذا ينظر إلى معتقدات المنجمين.
وقد كان أبو الطيب في بعض طواله يقارب منهج القدماء، كقوله:
حتام نحن نساري النجم في الظلم ... وما سراه على خف ولا قدم
وهذا من جياد مطالعه وقوله:
أحاد أم سداس في أحاد ... ليلتنا المنوطة بالتناد
كأن بنات نعش في دُجاها ... خرائد سافرات في حداد
وقد يلحق بهذا بعض مطالعه في الهم نحو:
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن ... يخلو من الهم أخلاهم من الفطن