ولقد كان أبو عبادة البحتري رحمه الله من أكثرهم كلفًا بذكر الطيف في المطالع، يكاد يشبه في طريقته منه طريقة أبي تمام في البرق والمطر.
من ذلك قوله:
قل للخيال إذا أردت فعاود ... تُدني المسافة من هوى مُتباعد
وقوله:
طيف الحبيب ألم من عدوائه ... وبعيد موقع أرضه وسمائه
ولم يكن أبو الطيب على المامه بالطيف في غير موضع بمكثر منه في المطالع. ومما جاء له في ذلك قوله:
أزائر يا خيال أم عائد ... أم عند مولاك أنني راقد
وهذا معنى جمع فأوعى إذ ذكر فيه الزيارة والعيادة وفيها إشعار بالسقم والسهر وغفلة المحبوب عما هو معانيه.
لا الحلم جاد به ولا بمثاله ... لولا أدكار وداعه وزياله
إن المعيد لنا المنام خياله ... كانت إعادته خيال خياله
وهذا معنى غريب دقيق، إذ كر فيه الطيف التالي بعد الطيف الأول. وإنما كان الطيف التالي من تذكر الأول، اغتناء من العاشق بالخيال بعد أن عز عليه منال صاحبه.
وهذا ويعجبني مما جاء في الطيف لشعراء عصرنا هذا، قول محمود سامي باشا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute