للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعاصيت قلبي بعد الصبا ... وأمسي وما أن له من شجن

فقد أشرب الراح قد تعلميـ ... ـن يوم المقام ويوم الظعن

وأشرب بالريف حتى يقا ... ل قد طال الريف ما قد دجن

وأقررت عيني من الغانيا ... ت إما نكاحًا وإما أزن

ومن كل بيضاء رعبوبة ... لها بشر ناصع كاللبن

وكل هذا من بكاء الشباب والحسرات على فوات الدنيا.

وطريقة الأخطل في نعت الخمر قريبة من هذا إذ قد يجيء بها مباشرة بعد مستهل النسيب فتكون كالجزء منه كما فعل في اللامية:

عفا واسط من آل رضوى فنبتل ... فمجتمع الحرين فالصبر أجمل

فرابية السكران قفر فما لهم ... بها شبح إلا سلام وحرمل

صحا القلب إلا من ظعائن فاتني ... بهن ابن خلاس طفيل وعزهل

كأني غداة انصعن للبين مسلم ... بضربة عُنق أو غوي مُعذل

صريع مدام يرفع الشرب رأسه ... ليحيا وقد ماتت عظام ومفصل

ثم مضى في نعت الخمر. ولم يكن مراده تشبيه حال أساه لفراقهن بحال السكران، وإنما كان يريد إلى معنى الشجن، ولعلما كنى يفراقهن عما يصبو إليه ولا يناله من أن لا يزول العيش ولا تنقضي لذاته.

وقال فاستهل بذكر الخمر:

بكر العواذل يبتدرن ملامتي ... والعالمون فكلهم يلحاني

في أن سقيت بشربة مقذية ... صرف مشعشعة بماء شنان

فطفقت أسقي صاحبي من بردها ... عمدًا لأرويه كما أرواني

ومحل الشجن في هذا بين.

<<  <  ج: ص:  >  >>