وتراها إذا أجدت سرورًا ... وارتياحًا للشارب المتحسي
أفرغت في الزجاج من كل قلب ... فهي محبوبة إلى كل نفس
وتوهمت أن كسري أبرويـ ... ـز معاطي والبلبهذ أنسى
حلم مطبق على الشك عيني ... أم أمانٍ غيرن ظني وحدسي
والبيت الأخير هو الشاهد إذ وحد فيه الشاعر معنى التأمل والغناء بالجمال بمعنى التحسر على الفناء والتماس العزاء في الخمر، وارتفاع النفس بجميع ذلك إلى نشوة من نشوات الشطح القدسي.
وقد قال المتنبي يذكر الخمر:
بم التعلل لا أهلٌ ولا وطن ... ولا نديم ولا كأسٌ ولا سكن
فساوى بين الكأس والوطن والحبيب ثم مضى ليزعم أن مراده فوق العشق وفوق الزمن- فكأن الأهل والوطن والنديم والكأس والسكن وكل ما يذكره ههنا من قبيل الرمز الغامض لشيء فوق أن يدرك.
وقال في دالية كافور:
يا ساقيي أخر في كئوسكما ... أم في كئوسكما هم وتسهيد
أصخره أنا مالي لا تحركني ... هذي المدام ولا هذي الأغاريد
إذا أردت كميت اللون صافيةً ... وجدتها وحبيب النفس مفقود
ففرق بين الخمر والحبيب المنشود، وهذا شبيه بقوله وهو شاب:
فؤادٌ ما تسليه المدام ... وعمر مثلما تهب اللئام
ومذهب المتنبي، على أخذه من أخيله التصوف والفلسفة وما إلى ذلك، فيه