للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهره، كالإستبضاع والضماد وبغاء الشريفات. وهذا من قبيل الشذوذ الذي تزيد به قوة القاعدة إذا الاستبضاع مثلاً من قري طلب الأطبة يستحل فيه ما لا يستحل في سواه، من تقبل احتمال الرزء العظيم لدرء أعظم منه، وقد كان العقم يعد لديهم من كبريات الكوارث ومن شواهد سخط الآلهة وقال القرآن يهاجم هذا من عقيدتهم:

{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (سورة الشورى)، وقال في الرد على من عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعيش له مولود ذكر ونبزوه بذلك: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} وفي قوله تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} تحدِّ للأصنام ولمن كانوا ينحرون عند غبغب العزى وصاحباتها. وقد كان الضماد مما يعاب ويستهجن، قال الهذلي:

تريدين أن تضمديني وخالدًا ... وهل يجمع السيفان ويحك في غمد

وما سلم بغاء الشريفات من أبنٍ وتجريح، على أنه فيما يبدو قد كان من عمل عبادة الخصوبة، وله مشابه فيما كانت تفعله بعض غابرات الأمم ومازالت تفعله بعض حاضراتها، من تضحية بكارات العذارى في بيوت الأصنام أو ما يجري مجراهن آية ذلك ما تجده من إلحاق أخبارهن بأخبار المثالث. وقد طعنوا في عمروا بن العاص وقالوا ابن النابغة كأنهم يبغون بذلك أن يعدلوا به عن نسب العاص بن وائل. وقد طعنوا في عقبة جد أبي معيط وزعموا أن نسبة لذكوان، عبد رومي. وقالوا «أسر من نكاح أم خارجة» ولا يخلو قولهم هذا من الزراية مع الذي حمل عليه من معنى التعجب.

وقد يلحق بهذا الباب من الشذوذ ما كانوا يكرهون عليه الفتيات من البغاء -وذلك أن الإماء لم يكن عندهم بمنزلة الحرائر وكل ما كان ينقص به قدر الأمة، كان يزيد به قدر الحرة. ومثل هذا الازدواج في القيم الأخلاقية من أخص خصائص

<<  <  ج: ص:  >  >>