للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأنساب، كانوا يأنفون من توريثهم. وخبر الأعرابي مع القاضي إياس معروف.

وقصة بني أمية في إقصاء الهجناء عن إرث الخلافة مشهورة. وقد روى عن عقيل بن علفة أنه أبدى أنفة من مصاهرة عبد الملك بن مروان خشية أن يكون الصهر أحد هجنائه. وهذا خبر معروف. ومهما يكن من شيء فقد كان مدلول البغيِّ عند عرب الجاهلية قبيحًا مذمومًا، شنيعًا كل الشناعة، يدلك على ذلك قوله تعالى في سورة مريم: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} - وإنما أصل البغي من الأمة المباغية ثم صار يطلق على الحرة من باب التشبيه. وقالت هند لما بايعت فيما روى الطبري (١) «وهل تزني الحرة يا رسول الله، قال، لا والله ما تزني الحرة» أ. هـ.

هذا ومن العوامل التي كانت تحث على الغيرة وتزيدها، ما كان عليه العرب من عرف الفروسية، وكان مما يقتضيه حماية الحرم ولقاء الموت دونهن. ولقد مر بك خبر عثمان بن طلحة كيف صنع مع سيدتنا أم سلمة على شركه وإسلامها. وقد رووا عن ربيعة بن مكدم أنه حمى الظعن حيًا وميتًا ولهم في ذلك أخبار، تجد بعضها في كتاب الأغاني (٢). وأنشدوا له إذ هو يقاتل عنهن ويرتجز:

جررن أطراف المروط وأربعن ... فعل حييات كأن لم تفزعن

إن يمنع اليوم نساءٌ تُمنعن

وقوله:

سيري على رسلك سير الآمن ... سر رداحٍ ذات جأشٍ ساكن


(١) تفسيره- ٢٨/ ٧٨.
(٢) الأغاني (مطبعة التقدم) ١٤/ ١٢٥ فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>