وصورة ابن الدمينة رهيبة مفظعة، وصورة الأعشى مهيبة ممتنعة وكلتاهما من بليغ الغيرة.
وقد رووا أن همام بن مرة همّ بقتل بناته إذ شكون إليه التعنيس فأفصحن، غيرة منه عليهن. ولقد دخل الوأد، وأسبابه كما ذكرنا من قبل اقتصادية ووثنية في أصلها، في معنى الغيرة، حتى لقد عدها بعض أهل التفسير سببًا من أسبابه. قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى من سورة التكوير {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}«فإن قلت ما حملهم على وأد البنات قلت الخوف من لحوق العار بهم من أجلهن أو الخوف من الإملاق كما قال الله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}، وكانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهن أ. هـ» فقدم الغيرة على السببين الآخرين الجوهريين كما ترى.
ومما شاع قوله في البنات على وجه النهي عن الجزع عليهن إذا متن، وفيه أشعار بالنقص فيهن، والخشية من العار الذي هو أبدا ملابس لهن ما دمن حيات:«دفن البنات من المكرمات»، وهذا معنى جاهلي بلا ريب، ولا يمكن أن يكون حديثًا لمناقضته صريح القرآن. وقال المعري ونظر إليه:
ودفنٌ والحوادث فاجعاتٌ ... لإحداهنَّ إحدى المكرمات