ينتحى، ولو عن غير قصد، إلى مس الأعراض، فيحمل محملاً من القذف والثلب، فترعد لذلك الحفائظ وتثور توائر الغيرة. ومن أجل هذا كان موقف الشاعر في باب الغزل حرجًا أيما حرج، ولابد له من أن يقول: فلجأ إلى طريقه من التقية صارت هي من بعد المذهب المقبول، وأجازها العرف، ورضيتها الأذواق، على أن الزلل عن صراطها الضيق، وما يتبعه من بوائق، لم يكن قط بمأمون.
هذه الطريقة من التقية مرت بك أصناف منها في معرض الحديث عن رموز الخصوبة وكنايات الشوق والحنين. ثم ثم كنايات غير هذا، كأن يكنى عن المحبوبة باسم غيرها، قال الجعدي:
أُكني بغير اسمها وقد علم الله خفيات كل مكتتم
وأكثر ما يذكره الشعراء من أسماء يجري هذا المجرى. ولقد بلغ بهم أن ارتضوا أسماء من أعلام النساء فجعلوها كنايات ثابتة، مثل سعدى وأسماء وفاطمة والرباب وسلمى، وأشهر هذه الأعلام ليلى وقد خلصت إلى اللهجات العامية واتصلت برموز المتصوفة فأكسبها ذلك قدسية لا تبلى. قال كثير
عشية سعدى لو تبدت لراهبٍ ... بدومة تجرٌ دونه وحجيج
قلى دينه واهتاج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج
وقال الحرث بن حلزة:
آذنتنا ببينها أسماء ... رب ثاوٍ يمل منه الثواء
وقال زهير:
وقال زهير:
إن الخليط أجد البين فانفرقا ... وعُلق القلب من أسماء ما علقا
وقال المرقش الأصغر:
ألا فاسلمي بالكوكب الطلق فاطما ... وإن لم يكن صرف النوى متلائمًا