إلا مظلوما ذا جلد. ثم ختم وصف الربع الرمزي بقوله:
أَمَسْت خَلاءً وأمسى أَهْلُها احْتَملوا ... أَخْنَى عَلَيْها الذي أَخْنَى على لُبَد
وَكل ذلك مِمَّا يؤسف له، كما يؤسف على عهدِ العلاقة والمودة أزمان لم يفرق الوشاة بينه وبين النعمان، ولم يضطر هو إلى أن يهاجره، ويلتمس العطف عند أعدائه.
وخذ قول امرىء القيس:
أَلا عم صَباحًا أَيُّها الطَّلَلُ الْبَالي ... وهل يَعِمَنْ من كان في الْعُصُر الْخَالي
فهذا كسائر ما يُسْتَهَلُّ به في ذكر الأطلال فيما يبدو، إلا أن امرأ القيس له فضيلة السبق. ولكنك إن مضيت في القصيدة ثم عدت إلى المطلع وقر عندك أن الشاعر إنما عنى نفسه. وما يتعلق بها من ذكريات الماضي في قوله "الطلل البالي".
ومن شواهد ذلك ما يروى له في هذه القصيدة من قوله:
أَلا إِنَّني بَالٍ جَمَلٍ بَال ... يسيرُ بنا بالٍ ويَتْبَعُنا بالِ
وقال في آخر القصيدة، كأنه يعتذر عما ألقى بنفسه فيه من عنت الغربة، حتى تصرمت أيامه وهو بعيد عما يشتهي:
ولو أَنَّما أَسْعَى لَأدْنى معيشةٍ ... كفاني ولم أَطْلُبْ قَلِيلٌ من المال
ولكنَّما أَسعى لمَجدٍ مُؤَثَّلٍ ... وقد يُدْرِكُ الْمَجْدَ المُؤَثَّل أَمثالي
ونحو هذا أعاليل بأضاليل، وقريب من مأتاه قول أبي الطيب:
ومُراد النُّفوس أَصغَرُ من أَنْ ... نَتَعَادَى فيه وأَنْ نَتَفانَى
غَيْر أَنَّ الْفَتَى يُلاقي المَنَايا ... كَالِحاتٍ ولا يُلاقي الهَوانا
وقال زهير بن أبي سلمى واستهل بمعنى التحسر على الشباب: