فلا تَحرمَنِّي نائلا عن جَنَابَةٍ ... فإِني امْرؤ وَسْطَ الْقِباب غريب
فلست لإنْسِيٍّ ولكن لملْاكٍ ... تنزَّل من جَوِّ السَّماءِ يصوب
ولا يخفى شبه ما بين كلام علقمة ههنا وكلامه إذا خاطب المحبوبة، من حيث الرقة والاستجداء والتلطف في الدعاء.
وألفتك خصوصًا إلى قوله في المحبوبة:
مُنَعَّمة لا يُسْتَطاع كِلامُها ... على بَابِها من أَنْ تُزارَ رَقيبُ
فهذا سوى قوله "منعمة" على غير مألوف ما توصف به نساء البادية. وفيه بعد معنى الملك بالذي ذكره من باب وحجاب مضروب. ولا إخال أنك تباعد عند تذكيره هذه الصفة أن تصيب جانبا من نعت الحرث نفسه إذ قد كان ملكا محجوبا لا يستطاع كلامه.
وإذ ألفتك لهذا، ألفتك أيضا إلى قوله "فلست لإنسى الخ" - فهنا كما ترى نعت للحرث بصفة الملك، وبأنه بسماويته فوق ما عليه أملاك الأرض من القسوة في الانتقام، والتشدد في مال الفداء. وعلقمة آمل بعد ألا يصيب المن عن أخيه، فحسب، لكن يصيب معه بسطا من قبول وحباءٍ جميل.
والشبه التلميحي بين صفتي الحرث والمحبوبة في البيتين لا أحسبه عنك بعد بغائب.
هذا، وقال مزرد بن ضرار (١):
صحا الْقَلْبُ عن سلمى ومل العواذل ... وما كادَ لْأيًا حُبُّ سلمى يُزَايل
ومثل هذا المطلع تتساءل عنده من لدن سماعه، فلماذا ملت العواذل إن صحا