القلب حقا عن سلمى؟ ولا يلبث الشاعر أن يجيبك بما سمعته من عجز بيته "وما كاد لأيا حب سلمى يزايل".
وهذا الاضطراب منذ البداية يحدث في نفسك توقعًا لاضطراب عاطفي من تجربة الشاعر، مَشُوبَةٌ فيه ناحية الجد والحزم من نفسه التي يشعرك بها قوله "صحا القلب عن سلمى" بنواح أخريات بشعرك بهن سائر البيت. وما هو إلا أن تمضي قليلا في القصيدة حتى تجد أن الشاعر يذكر أنه قد ودع غي الشباب، وأن الشيب قد شمله. ثم ما هو إلا أن يعود إلى ذكر الشباب والتحسر عليه، ووصف الحسان اللواتي يزعم أنه قد ظفر بلهوهن:
وبيضاءَ فيها للمُخَالِم صَبْوَةٌ ... ولْهوٌ لمن يرنو إِلى اللَّهوِ شاغل
ليالِيَ إذ تُصبي الحلِيم بدَلِّها ... ومشْيٍ خَزِيل الرِّجْل فيه تَفَاتُل
ثم يصف عدتهِ للحرب، حصان طويل القرا، ويطيل في نعته، وفرس سلهبة ويطيل في نعتها، ودرع مسفوحة فضفاضة ويطيل في نعتها، وتسبغة وترس وسيف ورمح ويطيل في أوصافهن جميعا - ثم ينهى نفسه عن هذا الفخر ويقبل على عصبة أعداء نالته منهم قوارص:
فَدع ذا ولكن ما ترى رَأْي عُصْبَةٍ ... أَتَتنِيَ مِنْهُم مُنْدِياتٌ عَضائل