لنَعْتِ صُباحِيٍّ طويلِ شقاؤُه ... له رَقَمِيَّاتٌ وصَفْراءُ ذَابِل
وليس لعمري غزير الشعر ما شاء بقائل على غير نهج وفي غير وحدة من نظام. ولكن آخر هذا الكلام متصل بأوله. إذ الشاعر من ههنا يأخذ في نعت صورة من الصور التقليدية، هي صورة الصياد وامرأته الحمقاء التي لا تعد له طعاما ولا تعينه بعزاء وربما تناولته بالقوارص ثم هي من شر النساء، طوافة على البيوت، كأن ليس لهاء فيه ولا في أطفالها الشعث الغِراث من أرب.
وهذه الصورة التقليدية داخلة عندنا في باب الغزل كما ستذكر من بعد. ولا أرتاب أن الصائد ههنا هو الشاعر نفسه. وقد استكمل بهذه الصورة من أداة الحرب ما غفل عنه آنفا وذلك السهم والقوس، ثم إن شئت أضفت إلى ذلك الكلاب.
وهذه الصورة تكشف لنا ما استشعرناه من غموض المطلع واضطرابه غير قليل، إذ أقرب شيء أن تكون امرأة الصائد هي امرأة مزرد، لا غيرها وأن تكون أيضا هي سلمى وهي العواذل، وهي ما دعاه لأن يقول ويجمجم مترددا بين فنون ما تواضع عليه الشعراء، وإنما مراده أن يشكو من سوء العشير ليس إلا. قال واختتم القصيدة في نعت الصائد:
فَطَوَّفَ في أَصحابه يسْتثيبُهم ... فآب وقد أَكَدَتْ عليه المسائل
إلى صِبْيةٍ مِثل المغَالي وخِرْمِلٍ ... رَوادٍ ومن شَرِّ النِّساءِ الخَرامِلُ
فقال لها هلْ من طعَامٍ فإِنَّني ... أَذُمُّ إِليك النَّاس أُمُّك هابِل
ولكنها ليست ممن يعين أو يغيث.
فقالت نعم، هذا الطويُّ وماؤُه ... ومُحَترق من يابس الجلدِ حائل