هو من معان تلائم هذا التحوير في اضطرابها وإيحائية غموضها.
وأحسب أن ذكر البين في مطالع الشعر مِمَّا يجيء غالبا معه المدح الصريح الذي تتحد فيه بطولة الشاعر مع بطولة الممدوح أو الفخر ذو التحدي والوعيد أو هما معا - كقول زهير:
وبين المطلعين بعد فرق، إذ أشعرك زهير بحاجة بائنة فهو يطلبها، فلابد من ذكر شيء في معنى ذلك في القصيدة - وقد ذَكَرهُ حيث قال:
يا حَارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بِدَاهيَةٍ ... لم يلْقَها سُوقَةٌ قَبْلي ولا ملك
فاردد يسارًا ولا تَعنُف عليه ولا ... تَمْعك بعرْضِكَ إِن الغادِرَ المَعِكُ
وقد كان الحرث الصيداوي وقومه احتبسوا غلاما لزهير، فهنا زهير يتوعدهم كيما يردوه إليه قبل أن يفسد الأمر ويضطر هو إلى هجائهم والتذمير عليهم، وعسى أن كان بنو الصيداء هؤلاء متسرعين إلى الشر، واحتباس ما يقع بأيديهم يعدونه من باب النهب، فقد قال فيهم زيد الخيل:
يا بني الصَّيداءِ رُدُّوا فرسي ... إِنَّما يُفْعل هذا بالذليل