للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجرى في قصيدته كلها على طريق هذا المعنى كما سنذكر إن شاء الله، حتى لم يَكَدْ يخلص له من الخلان فيها إلا ناقته، التي كان هو يسيء إليها وتحسن هي إليه:

فَأَبْقَى بَاطلي والْجدُّ منها ... كدُكَّان الدَّرابنَةِ الْمَطين

ورُحْتُ بها تُعارضُ مُسْبطِرًا ... على صَحْصَاحِه وعلى المتون

ثم يقول في خطابه لصاحبه عمرو:

فإِما أَنْ تَكُون أَخِي بحَقٍّ ... فأَعرِف منْك غَثِّي مِنْ سميني

وإلا فاطَّرحني واتَّخِذْنِي ... عَدُوًّا أَتَّقيكَ وتَتَّقِني

وما أَدرِي إِذا يَمَّمْتُ أَرْضًا ... أُريدُ الْخَير أَيُّهما يليني

أألخَيرُ الذي أَنا أَبْتَغِيه ... أَم الشَّر الذي هُو يبْتَغِيني

وهذا مقطع القصيدة، وفيه روح مطلعها كما ترى.

وقال القطامي في معنى البين، وحوره ليناسب غرضه:

ما اعْتَاد حب سُلَيْمى حِينَ مُعْتَادِ ... ولا تَقَضَّى بواقي ديْنها الطادي

وهذا عكس المعنى الذي استهل به كعب بن زهير، إذ جعل كعب بن زهير نفسه رهينة لم تفد بعد، وزعم القطامي أنه، وإن يك طليقا من الإسار لا زال يحمل إصرا من بقية دين واجب أداؤها - وما ذلك إلا أن عدوه زفر القيسي قد كان ظفر به، فمن عليه وأعطاه - فذلك دَيْنٌ لا ينقضي، وذلك قوله في هذه القصيدة:

منْ مُبْلِغٌ زُفَر الْقيسيَّ مِدْحتهُ ... من الْقُطامِيِّ قَولًا غَير إِفنادِ

إِنِّي وإِنْ كان قَوْمِي لَيس بيْنَهم ... وبيْنَ قوْمِكِ إِلَّا ضَرْبَةُ الْهادي

مُثْنٍ عَلَيك بما اسْتبقَيْتَ مَعرِفَتي ... وقد تعَرَّضَ مِنِّي مَقْتَلٌ بادي

وفي القصيدة بعد فخر وتحد للشعراء ولشاعر بعينه منهم:

إِلا أُخيَّ بني الجوال يوعِدني ... ماذا يريد ابنُ جَوَّالٍ لإيعادي

<<  <  ج: ص:  >  >>