هذا، وقد يخلو كلام الشاعر من جميع ما قدمناه، فلا يبقى له إلا ظاهر النموذج الشكلي السنخ، وحينئذ نتلمس، فإن أصبنا للكلام ماء، وحرارة من فصاحة، حكمنا للشاعر أنه أذاب طرفا من تجربته فيما احتذاه ولم يبلغ به حظه من الملكة أكثر من ذلك، أو كان غرضه، مما يستلزم نحو هذا الصنيع. مثال هذا قول بشر بن أبي خازم في الكلمة التي قدمنا منها وهو بعد الأبيات التي مرت من مفضليته:
لياليَ تَستَبيكَ بذي غُروب ... يُسَنُّ على مَرَاغِمه القسام
تَعرُّضَ جَأْيةِ المدْري خَذُول ... بصاحةَ في أَسِرَّتها السِّلام