وفي قوله رقود أشعار جنس لا يخفى تنزاعه ولوعته.
نَواعمُ لا تُعالجُ بُؤس عَيْشٍ ... أَوانسُ لا تُراحُ ولا ترود
يَرُحْنَ مَعًا بطاءَ المَشْي بُدًّا ... عليهنَّ المجاسد والْبُرود
وفي قوله "بدا" تخابث، حور به النموذج التقليدي شيئا ما، إلى تصوير ما نقلته إليه نظرته بعقلهِ وظنه أو بعين رأسه. وسترى من تصديق ذلك في هذا المعنى من بعد إن شاء الله.
سكنَّ ببلدةٍ وسكنت أُخرى ... وقُطِّعت الْمَواثقُ والْعُهود
فما بالي أَفي ويُخَان عهْدي ... وما نبالي أُصاد ولا أَصيدُ
والعجز فيه معنى احتجاج بالغ على ما هو ملازم له من سنة العفاف أو الحياء، وفيه أيضا تلميح إلى تجربة عاطفية.
ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّيْنَ بِكْرٍ ... مُنَعَّمَةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ
وذُو أُشُرٍ شَتِيت النَّبْتِ عَذْبٌ ... نَقِيُّ اللَّوْنِ بَرَّاقٌ بَرُودُ
لَهوْتُ بها زَمانًا مِن شَبابي ... وزارَتْها النَّجائِبُ والْقَصِيدُ
وهذا على ما ترى من نموذجيته وشكليته فيه إيحاء علامة ونظر إلى الحبيب الأول، لو قبلنا على سياقه أن في هذه الكلمة حبيبين لا واحدا، وما أحرى أن لم يكن إلا واحدا.
أُناسٌ كلَّما أَخْلَقْتُ وَصْلًا ... عَنانِي منهُمُ وَصْلٌ جَدِيدُ
وهذا يحقق ما نزعمه، على أي المحملين حملته، أهو حبيب واحد من يتحدث عنه، أم حبيب آخر عن له بعد الأول، ووفاؤه للأول يصده والأول غير واف.
ومما هو نموذجي محض، ولكنه ذو رونق من الفصاحة والترنم والتأمل المستفاد