للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التجارب قول سويد بن أبي كاهل:

بَسَطَتْ رَابِعَةُ الْحَبْل لنا ... فوَصلْنَا الْحَبلَ مِنها ما اتَّسع

حُرَّةٌ تَجلُو شَتِيتًا واضحا ... كشعاع الشَّمسِ في الْغَيْمِ سطع

صَقَلَتْهُ بِقَضِيبٍ ناضِرٍ ... مِنْ أَراكٍ طَيِّبٍ حتَّى نَصع

أَبيضِ اللَّونِ لَذِيذٍ طَعْمُه ... طَيِّب الرِّيقِ إِذا الرِّيقُ خَدَعْ

تَمنحُ الْمِرآةَ وجهًا واضِحًا ... مثْلَ قَرْنِ الشَّمسِ في الصَّحوِ ارتفع

ناصِع اللَّوْنِ وطَرْفا ساجيًا ... أَكْحلَ الْعَيْنَيْنِ ما فيه قَمَع

وقرونًا سابِغًا أَطْرافُها ... غلَّلتها رِيحَ مِسكٍ ذِي فَنَع

هيَّجَ الشَّوق خيالٌ زائرٌ ... مِن حبِيبٍ خَفِرٍ فيه قدع

شاحِطٍ جَازَ إِلى أَرْحُلِنا ... عُصب الْغَابِ طُرُوقًا لم يُرَع

آنِسٍ كان إِذا ما اعْتادنِي ... حال دونَ النَّوْمِ مِنِّي فامْتنَع

وكذَاكَ الْحُب ما أَشْجَعهُ ... يَرْكَبُ الهَوْلَ وَيَعْصِي مَنْ وَزَع

فأَبيتُ اللَّيل ما أَرْقُدُه ... وبِعَيْنَيَّ إِذا نَجْمٌ طَلَع

وإِذا ما قُلْتُ لَيْلٌ قد مضى ... عَطَف الأَوَّلُ مِنْهُ فَرَجَع

يَسْحَبُ اللَّيْلُ نُجُومًا ظُلَّعًا ... فَتَوالِيهَا بَطيئاتُ التَّبَع

ويُزَجِّيها على إِبطائِها ... مُغربُ اللَّون إِذا اللَّوْنُ انقشع

فَدَعانِي حبُّ سلْمَى بَعْدَما ... ذَهَبَ الْجِدَّةُ مِنِّي والرَّيع

خَبلَتْني ثُمَّ لما تُشْفِني ... ففؤادي كُلَّ أَرْب ما اجتمع

ودَعَتْني بِرُقَاها إِنَّها ... تُنزِلُ الأَعْصَم من رَأْسِ اليفَع

تُسْمِعُ الْحُدَّاث قَوْلًا حَسَنًا ... لو أَرادوا غَيْرَهُ لم يُسْتَمَع

ثم أخذ في الخروج. وهذه مقدمة جمعت فأوعت. ذكر اللذة الغابرة، ونعت المحبوب في ثناياه ووجهه وشعره، وذكر الطيف وذكر الحب، وذكر الليل والنجوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>