للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر رقي الغرام وأنس الحديث. ومراد الشاعر بعد واضح من أنه مقبل على جد وحفيظة إذ ذهب ريعان الشباب، ولكن فيه بعد بقية سيصرفها إلى ما هي أهله من حماسة، - كما قد فعل علقمة ببقية شبابه حين اهتدى باللاحب والفرقدين وقصد الحرث الوهاب.

ورابعة المحبوبة ههنا كأنها مصدر إلهام يستغيث به الشاعر ويذمر به نفسه، إذ هو مقبل في قوله على مفاخرة ومنافرة وتحد تمازجه حسرة وألم وخصومة، كما يذمر أهل الحزب أنفسهم باستصحاب النساء.

وقد مضى الشاعر في الخروج شوطًا ثم افتخر بقومه فأطال وهاج به هيج الحماسة. فلما بلغ هذا المبلغ أمسك شيئا والتفت إلى رابعة ليستلهمها ويذمر نفسه مرة أخرى كيما يندفع في شوطين جديدين من خروج وفخر أشد وأحد وأقوى إبانة عما في نفسه.

قال:

أَرَّق الْعَيْنَ خيالٌ لم يَدَعْ ... من سُلَيْمى ففُؤادي مُنْتَزَع

حَلَّ أَهلي حَيْثُ لا أَطْلُبها ... جانِبَ الحِصْن، وحلَّتْ بالفَرَعْ

لا أُلاقيها وقَلْبِي عِنْدها ... غَيْرَ إِلمَامٍ إِذَا الطَّرْفُ هجع

كالتُّؤاميَّة إِن باشرتها ... قَرَّتِ الْعينُ وطاب المضطجع

بكَرت مُزْمِعة نِيَّتَها ... وحدا الحادي بها ثُمَّ انْدفَعْ

وكريمٌ عِنْدَها مُكتَبلٌ ... غَلِقٌ إِثر الْقَطِين الْمُتَّبع

والنسيب هنا أحر، وليست حرارته تجربة خاصة، فهو نموذجي من قريّ ما سبق، ولكن حرارته مستمدة من حرارة التَّحمُّسِ الذي اسْحَنْقَرَ معه الشاعر. وقد أشرب نموذجه معاني من اللذة والشهوة. لا يريد بذلك إلى لوعة الجنس ولا إلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>