للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر السهم وما فيه من معنى الفتك والقتل والسرعة وذكر الميسر ويلابسه الزهو والبذل والتحدي وعدم الاكتراث والمجازفة واحتقار الخطر ونفاسته في نفس الوقت، وذكر الدمع وفيه الضعف والرقة والالتماس، وطبع كل هذا بطابع من الحركة الحية، فكانت تجربة مما هو محض الشمول، كائنٌ ما كان الجنسان، ثم بعد ذلك أورد كلامه كله مورد الحوار فضمنه معنى المغازلة بما تحوي من لين مستكين ومكر متخابث.

فتأمل.

وقال عدي بن الرقاع:

وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينه سنةٌ وليس بنائم

فاجتهد كما ترى في تحريك النعاس النموذجي ليوحي إليك ما أحسه من فتنة -والاجتهاد محله أن المعنى بالنعت جفنًا أم القاسم لا الجؤذر على أية حال، وصورة الجؤذر جيء بها للتوضيح لا غير وغير مراد منك أن تلتفت إليها أو تستشعرها.

وهذا خلاف ما جاء من طريقته في صفة قرني ولد الغزالة إذ قال:

تزجي أغن كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها

فههنا التفات إلى حركة حرف القلم وأخذه من مداد الدواة بلا أدنى ريب.

وقال امرؤ القيس:

كأن المدام وصوب الغمام ... وريح الخزامي ونشر القطر

يعل به برد أنيابها ... إذا غرد الطائر المستحر

فجاء بالتشبيه النموذجي، وأشعر بأمنية التقبيل وجعل ترنمه كأنشودة يصدح بها تحية لتوهم نشوته.

<<  <  ج: ص:  >  >>