للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرؤ القيس فيوشك أن يحيل الحركة إلى سكون، لتأمله أجزاءها، وهذا أشد ملاءمة لما كان بصدده من معنى التذكر.

وقال طرفة:

وتبسم عن ألمي كأن منورًا ... تخلل حر الرمل دعصٌ له ندي

فحرك نعت الثغر بالابتسام ثم أومأ إلى اشتهاء بذكر الدعص الذي يتلألأ على أقحوانه الندى.

وقال الآخر وهو من شواهد سيبوبه:

لو ساوفتنا بسوفٍ من تحيتها ... سوف العيوف لراح الركب قد قنعوا

فهذا تصوير لحالة من اختلاج الثغر مع الرغبة إليه (١).

وقال النابغة:

تجلوا بقادمتي حمامة أيكةٍ ... بردًا أسف لثاته بالإثمد

فنعت افترار الشفتين بالابتسامة وسرعة مضي ما تبديانه من محاسن الفم، وقد مر بك هذا.

وقال عنترة:

إذ تستبيك بأصلتي ناعم ... عذبٍ مقبله لذيذ المطعم

وكأنما نظرت بعيني شادنٍ ... رشإ من الغزلان ليس بتوأم

وكأن فأرة تاجرٍ بقسيمةٍ ... سبقت عوارضها إليك من الفم

وقوله «ناعم» فيه صدى تجربة ووحي من حركة -وسائر الكلام بعد نموذجي فصيح، وجعله الشاعر وسيلة إلى نعت الروضة في معرض تشبيه النكهة وطيبها وهذا في جملته داخل في معنى التلذذ المراد به الترنم ونشوته ليس غير.


(١) ويجوز أن يكون أراد مجرد معنى التحية وكنى بسوف العيوف عن ذلك إذ التحية مما تكون بالأنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>