للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ما فتنه يومًا برهنٍ ... يعز عليه لم يرجع بحين

بتلهيةٍ أريش بها سهامي ... تبذ المرشفات من القطين

علون رباوةً وهبطن غيبًا ... فلم يرجعن قائلةً لحين

فقلت لبعضهن وشد رحلي ... لهاجرةً نصبت لها جبيني

لعلك إن صرمت الحبل بعدي ... كذاك أكون مصحبتي قروني

وهذه أبيات مشهورة، وقد عرض لقصيدتها الدكتور طه حسين في حديث الأربعاء، في مقال نشره في جريدة الجهاد عام ١٩٣٤ أو ١٩٣٥ لا يزال أثره عالقًا بالنفس.

والوصف في جملته نموذجي غير أنه يتخلله وحي بتجاري، وتنتظمه كله تجربة واحدة معقدة شائكة مشتبكة، هي تجربة قصيدته المفضلية (١):

أفاطم قبل بينك متعيني ... ومنعك ما سألت كأن تبيني

وقد أشرنا إلى بعض معانيها من قبل.

والذي عندي أن الشاعر أصابه قلق نفسي عظيم سببه إحساس بالوحدة والوحشة والامتعاض وطلب الانتصاف بعد تنكر من عهد الخلان، بعضه قد كان وبعضه متوقع. أما الذي قد كان فمن خليلته فاطمة أو من كنى عنها بفاطمة أو ما كنى عنه بها رجلاً كان أو امرأة أو حاجة نفس وأما المتوقع فمن خليله عمرو، أو ما جعل عمرًا رمزًا له.

وتجربة القصيدة تصف لنا أول هذه التنكر وملابساته. وفي شعر المثقب ما يشهد بأن التنكر قد صار إلى جفوة وحسرة من مصارمة أو عداء. قال في داليته المفضلية (٢):


(١) المفضليات ٧٦.
(٢) نفسه ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>