ألا أن هندًا أمس رث جديدها ... وضنت وما كان المتاع يؤودها
وأمس إنما هي إشارة إلى عهد النونية التي نحن بصدد ظعائنها:
فلو أنها من قبل دامت لبانةً ... على العهد إذ تصطادني وأصيدها
ولكنها مما تميط بوده ... بشاشة أدنى خلةٍ يستفيدها
فهذا تصريح كالهجاء.
وقال في الميمية المقيدة:
لا تقولن إذا ما لم ترد ... أن تتم الوعد في شيء نعم
حسن قول نعم من بعد لا ... وقبيحٌ قول لا بعد نعم
إن لا بعد نعم فاحشةٌ ... فبلا فابدأ إذا خفت الندم
وإذا قلت نعم فاصبر لها ... بنجاح القول إن الخلف ذم
واعلم أن الذم نقص للفتى ... ومتى لا يتق الذم يُذم
فذهب بتجربته هنا مذهب الحكمة، وجعل فاطمته فتى، وعسى أن كانت ولعلها عمرو أو هو هي.
وقد بدأ القصيدة بالإلحاح في طلب المتاع الذي هو حقه أو يراه كحقه، بحسب سياقه. ثم حذرها من المنع إذ هو كالبين البائن، ومن الخلف وكذب المواعد، وهذا موقف أضعف من الأول، إذ فيه إشعار بأن المنع والتنكر كائن، فتلافاه بالتهديد:
فإني لو تُخالفني شمالي ... خلافك ما وصلت بها يميني
إذن لقطعتها ولقلت بيني ... كذلك أجتوي من يجتويني
ثم تحقق في نفسه معنى البين فهرب منه إلى تجربة مشوبة من الافتعال والتذكر