جانبه، البعيدة مسافة ما تريد أن تتناوله -ولا أحسب القارئ قد غاب عنه موضع تشبيه الفتاة الغافلة عن عمرها باتكاءها على الرجازة، بالحمامة في وكنها الوادعة الحاضنة. والعجز احتجاج مر على هذا الرضا، وتمثيل كالمتسلي بهذا الكثير الذي لا ينفك يحدث من ضعف الرجال أمام النساء وهي، أي فاطمة، النساء القواتل وهو الأشجع المستكين -أشجع لما يتكلفه من دفاع وتهديد وما يحسه من غضب وامتعاض وجد ألا يبالي بعاقبة من صرم وهجران. ومستكين لأنه ملتمس ما يعلم أن لن يناله وسيضرع بعده إلى اليأس والحسرات.
ثم أخذ يتسلى بالصورة النموذجية مرة أخرى، صورة الغزالة الخاذلة، ليلقى سترًا ما على التجربة التي باح بها آنفًا.
هذا هو الشطر الأول من نعت الظعن. وهو يتناول مجموعتهن الراحلة المبتعدة.
ثم يبدأ الشطر الثاني من النعت وفيه ثالث ما زعمناه لك بدء هذا الحديث من ملاحقة التجربة للنموذج ورابعه وهلم جرا. ومداره النموذجي المقاربة بعد الإبعاد، وقد رأيت شيئًا منها عند قوله «وهن على الرجائز واكنات» ولكن هذا مجيء به في معراض حال البعد، ولذلك نبهنا عليه حيث فعلنا. وأول المقاربة قوله:
ظهرن بكلةٍ وسدلن أخرى ... وثقبن الوصاوص للعيون
وهذه صورة من الذاكرة لبعض ما كان تأمله هو من حركات الفتيات أول الرحيل، ولعل فاطمته كانت إحداهن. وهي صورة حية، ولذلك أحسب، ما زعموا أنه سمي مثقبًا بهذا البيت. وهذا من رميات النقد النافذات، إذ الذي، لعمري، قد ثقب الوصاوص فنظر فأمعن هو لا هنٌ- ثم رجع إلى الإيحاء بفاطمة فقال: