فهي التي ظلمته بخلفها وكذبها ومنعها وإيثار آخر كما قال في الدالية.
ولك في طويلات الرفع والنصب، وفي النصب التعجب وهذا يشبه قوله «وهن على الرجائز واكنات» في إظهار جانب المفارقة بين حاله وحالها. وفي الرفع الخبرية، ويلائم معنى الطلب فيه كالاتباع لنفسه إياها على ظلمها وقلة مبالاتها ومضيها تستن بشعرها الطويل. والمفاضلة بين الوجهين عسرة، والرفع أحب إلي وأشبه بمعنى الاستكانة وهو الأصلي في هذه التجربة.
ثم مضى يتأمل، على ما سنرى في نماذج الجمال، حتى إذا خيل له أنه قارب بوعد منه ما اقترب وسلك مع الظعائن البائنات واعترف ههنا بخلاف ما زعمه في قوله:
فإني لو تخالفني شمالي ... خلافك ما وصلت بها يميني
إذا لقطعتها ولقلت بيني ... كذلك أجتوي من يجتويني
وذلك أنه ذكر أن العيس متى فتنه بالرهن العزيز عليه، وهو قلبه وهي فاطمة أيضًا، فإن ذلك الرهن لن يرجع إليه بحين من الدهر.
إذا ما فتنه يومًا برهن ... يعز عليه لم يرجع بحين
وهذا كأنه تكرار أو قل تفسير لقوله:
لمن ظعنٌ تطالع من ضبيبٍ ... فما خرجت من الوادي لحين
إذ هن هنا لم يخرجن بعد، فمتى خرجن وجاوزن فمعادهن عسير. ثم يقول:
بتلهيةٍ أريش بها سهامي ... تبذ المرشقات من القطين
والتلهية هي اللهو وهي المرأة أرادهما معًا. وقوله أريش بها سهامي أي أجذل بها، وذلك أنه يعد نفسه لصيدها بما تصطاد به الرجال النساء فذلك ريشه لسهمه.