وقابل بهذا بقوله «تبذ المرشقات إلخ» فزعم أنها تصيده أيضًا، فلا يصيده كصيدها شيء- وزعم ابن الأنباري والسياق يدل أنه قول الضبي أن القطين الخدم والجيران والتباع وهذا جيد، والظاهر أنه أراد بالقطين الظعائن لأنهن جارات راحلات، وأراد تفضيلها عليهن وتخصيصها من بينهن ومن بين سائر النساء. وهذا لا يناقض ما رواه ابن الأنباري، بل هما متكاملان، وتأويل كلام ابن الأنباري أنها تلهية ولا كهذا الذي يكون من إرشاق الجارات وما بمجراهن من القطين. والبيت فيه معنى قوله الذي استشهدنا به آنفًا:
فلو أنها من قبل دامت لبانةً ... على العهد إذ تصطادني وأصيدها
وفيه بعد من الجذع ما لا يخفى.
وذكر التلهية تقريب. فأتبعه مباعدة في قوله:
علون رباوةً وهبطن غيبًا ... فلم يرجعن قائلةً لحين
وفيه تكرار لمعاني بيت الحين اللذين مرا وبلوغ بها إلى غايتها. إذ الظعائن في الأول لم يخرجن من الوادي لحين. وفي الثاني تخوف من ألا يعدن متى تجاوزن. وفي هذا الثالث تقرير لأنهن لم يرجعن وذكر الحين تعلة بالأملة لو قد أجدى ما يحتال به من وعيد. وإذ قوله «لم يرجعن» بين محضٌ. فإنه رجع فقارب مرة أخرى، لا لينظر، ولكن ليهدد:
فقلت لبعضهن وشد رحلي ... لهاجرةٍ نصبت لها جبيني
لعلك إن صرمت الحبل مني ... كذاك أكون مصحتبي قروني
وهنا بطلت صورة الظعائن المرتحلة، وصار هو، لا فاطمة، المزمع على الرحيل، على مذهب الخروج والجد الذي يصنعه الشعراء، وقوله «لعلك» التماس وتليين وتحذير كتحذيره في قوله «فلا تعدى مواعد كاذبات» وعجز البيت كقوله