للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها المذهب المسرحي وهذا يكون كالالتفاتة، فيكون من باب الالتفات القصصي كبيت عبد يغوث الذي مر، وكقول المنخل:

فدفعتها فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغدير

ولثمتها فتنفست ... كتنفس الظبي البهير

وبكت وقالت ما بجسمك ... يا منخل من حرور

ما شف جسمي غير حبك ... فاهدني عني وسيري

وكقول امرئ القيس:

أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

وأكثر الالتفات من الغيبة إلى الحضور ومن الحضور إلى الغيبة داخل في هذا الباب. والمناجاة والمناغاة وأصناف مخاطبة النساء مثل قول علقمة:

فلا تعدلي بيني وبين مغمر ... سقتك روايا المزن حين تصوب

تدخل أيضًا في هذا الباب. وأصناف أخر كثيرات غير هذا-

ولقد تسأل كيف ننسب إلى العرب مذهبًا مسرحيًا وهم لم يعرفوا ما نسميه المسرح وإنما المسرح عندهم كان مسرح السائمة ثم ما يحمله المجاز عليه كمسرح الطرف وهلم جرا.

وجوابنا أن العرب كانوا أهل قصص وأسمار وأحاديث وولع بالأخبار. ولقد بلغ من ولعهم بالأخبار أن يتتبعوها من غير كبير أرب لأنفهسم وراءها، اللهم إلا أملاً غرزيًا أو كالغرزي فيما أحسب، أن يتأتى لهم سداد أرب من معرفتها. من شواهد ذلك مثلاً خبر السيرة في غزوة بدر إذ ألم النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب له بشيخ من العرب فسألاه عن خير الناس، فإذا عنده خبر المسلمين وخب قريش معًا (١).


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>