لقد أعجبتني لا سقوطًا قناعها ... إذا ما مشت ولا بذات تلفت
تبيت بعيد النوم تُهدي غبوقها ... لجارتها إذا الهدية قلت
تحل بمنجاةٍ من اللوم بيتها ... إذا ما بيوتٌ بالملامة حلت
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت
أميمة لا يخزي نثاها حليلها ... إذا ذُكر النسوان عفت وجلت
إذا هو أمسى آب قرة عينه ... مآب السعيد لم يسل أين ظلت
فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت
فبتنا كأن البيت حجر فوقنا ... بريحانةٍ ريحت عشاءً وطلت
بريحانة من بطن حلية نورت ... لها أرجٌ ما حولها غير مسنت
وباضعة حمر القسي بعثتها ... ومن يغز يغنم مرة ويُشمت
«ومفتاح» هذه الكلمة كما يقول الأستاذ العقاد قوله «فبتنا» فإن كانت زوجته فالكلمة فيها ما ترى من تعت محاسن الأخلاق ولسنا نحتاج إلى الأمثلة الأخريات في معر ض الاحتجاج. وإن لم تكن زوجته فهذا مشكل مع الذي قدمه من نعوت، ونحن أميل إلى هذا، والله أعلم.
تأمل قول الشنفري حين ابتدأ بالتنبيه «ألا» ثم أعطاك الرحلة كلها معًا على منهج علقمة «رحلة فركوب» ثم ذكره للوداع للجيران كلهم، مخفيًا نفسه بينهم. ثم يصير بعد إلى ضمير الجمع المتكلم «سبقتنا» فلم نشعر إلا بها هي والمطي واسم كان ضمير الشأن وهذا لا يخفى. ثم صار بعد إلى ضمير المتكلم الواحد، فصار هو الجيران كما ترى. وذلك قوله «بعينيّ» ثم تتبعها ظاعنة لا يتأمل تأمل القطامي، وكيف يتأمله وهو لا يريد إلا معنى متعة ونظر، ولا تأمل المثقب، وكيف وهو لا يريد إلى قلق من عتاب وخصام، ولا تأمل زهير، وكيف وهو وإن تك نفسه تابعة ما ظعن، فما نال أخلد في نفسه أثرًا وأدعى إلى أن يتفكر فيه ويتعظ به ويتلذذ بذكره ويتحسر كيف فات،