كأن له في الأرض نسيا تقصه، وهي تكلمه، ولعل هذا كان حين أحسنت عليه، فتتعثر عليها اختلاجات الكلمات من فرط الحياء- ولا يخفى ما في هذا من اقتراح اللوعة الجنسية أي اقتراح وإيحائها أيما إيحاء.
والشاعر أفطن شيء لهذا الإيحاء فهو يبادر لينفي ما قد يحمله عليه السامع ولولا صدقه إن يكاد ليدنو ما يقوله من السخرية الرفيقة اللمس:
أميمة لا يخزي نثاها حليلها ... إذا ذُكر النسوان عفت وجلت
وقوله أميمة مستفاد منه «هذه التي أدعوها أميمة يا هذا» وليس كقوله أميمة أول ما بدأ بهذا التصغير التحبيبي.
وفرع عن معنى ذكر العفة والحليل في قوله:
إذا هو أمسى آب قرة عينه ... مآب السعيد لم يسل أين ظلت
وصدر هذا البيت إلى نصف عجزه فيه دليل الغبطة وأنه ينفس على بعل أميمة ما وهبه الله من متعة العيش بها، واللوعة هنا مستكنة ظاهرة كما ترى. أما آخر البيت فيوشك أن يداني رفيق المس السخري لولا الذي قدمناه من صدق لهجة الشاعر. ثم الذي نزعمه من المس السخري ليس بمستنكر في ذات نفسه، أن أبهنا إلى أن ما ناله الشاعر نيل عظيم، يناقض من جهات كثيرة ما يرضى به الحليل ويثير الغيرة إن عُلم أمره أي إثارة، ثم هو بعد لا يناقض خالص العفة.
وإذ قد أشعر الشنفري بغبطته حليل أميمة جاملنا فوصف لونا مما غبطه فيه من جلال سمتها وهيئتها واسبكرار جمال جسدها وكماله، وفي الاسبكبرار كناية عامة عن سائر ما تفتن به المرأة في معارض جسدها، ثم عبر الشاعر عن حاق نشوته لهذه الفتنة بقوله: