وأكد عنترة مراده من نعت الأخلاق فيما اختصر من قوله:
ولقد نزلت فلا تظني غيره ... منى بمنزلة المحب المكرم
فذكر الإكرام مع الحب كما ترى.
وقال امرؤ القيس، وفي الذي قاله معاني ما طرقه الشنفري، وامرؤ القيس أبو هذا الباب فيما يزعمون من الغزل المادي:
خليليّ مرا بي على أم جندب ... نقض لبانات الفؤاد المعذب
فإنكما إن تنظراني ساعةً ... من الدهر تنفعني لدى أم جندب
وحام حول هذا المعنى الشنفري على جودته فلم يصب منه إلا بقدر أن قال «ألا لا تعدني البيت»:
ألم ترياني كلما جئت طارقًا ... وجدت بها طيبًا وإن لم تطيب
وهذا ما فصله الشنفري في قوله «وبتنا إلخ»:
عقيلة أترابٍ لها لا دميمةٍ ... ولا ذات خلق إن تأملت جانب
بفتح الخاء. أي هي لا دميمة خلقة ولا تتخلق فتبدو عليها دمامة من كزازة وتجنب، وليس المراد بعجز البيت نعت صورة وجهها بنفي القبح الجسدي عنها فحسب إذ لا معنى على هذا الوجه لقوله «إن تأملت» وقد سبق قوله «لا دميمة» - وإنما أراد نحوا من قول الشنفري «ولا بذات تقلت» وإنما ينعتها بالنسبة إلى ما يكون من ملاقاة المواجهة، أنها بشيرة، ولا سيما إلى النساء، وقد يدخل في هذا أنها تبرهن ولا تتكبر عليهن، كزعم الشنفري الذي تأولناه، حيث قال بعد «ولا بذات تقلت» أنها «تبيت بعيد النوم تهدي غبوقها إلخ».
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها ... وكيف تراعي وصلة المتغرب
أقامت على ما بيننا من مودةٍ ... أميمة أم صارت لقول المخبب