للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا أخذ الشنفري «أميمته»:

فإن تنأ منها حقبةً لا تُلاقها ... فإنك مما أحدثت بالمجرب

والسؤال الذي تساءله أنسب لمذهب الحديث عن الزوجة (إذ أم جندب زوجته) من التقرير الذي قرره الشنفري وهو يتحدث عن زوجة آخر فيما رجحنا، وإنما جاء الشنفري بالنموذج وهو نموذج زوجة كما رأيت ولا ريب في سبق امرئ القيس له، ليحدث فيه ما قدمنا من التحوير المنبئ بالإيحاء؟ والتي ذكرها كأنها زوجته.

ثم قال امرؤ القيس:

وقالت متى يُبخل عليك ويعتلل ... يسؤك وإن يُكشف غرامك تدرب

وهذا حديث حليلة. والعجب لأم جندب كيف فضلت بائية علقمة على هذه البائية. ولقد أصاب، فيما أرى من حيث مذهب الظن امرؤ القيس حين اتهمها. وهذا من باب عكس قضية الفرزدق إذ قال وهو يريد أن يعكس مذهب الجاهليين:

موانع لأسرار إلا لأهلها ... ويُخلفن ما ظن الغيور المشفشف

في ادعاء السعاة عند المآب. وسنعرض لهذا في موضعه إن شاء الله.

وقد جاء نموذج العيادة عند طرفة، من قصيدة قالها وقد أطرده قومه، وهذا نحو ما كان فيه الشنفري من حال الصعلكة والاطراد. وطرفة بعد الذي يقول:

وتقصير يوم الدجن والدجن معجبٌ ... ببهكنةٍ خلف الطراف المعمد

ولا مادية بعد هذا إن كان فيه حقًا مع الذي قبله وبعده من المعاني صدق علوق بالمادية!

قال:

ولم يُنسى ما قد لقيت وشفني ... من الوجد أني غير ناسي لقائك

<<  <  ج: ص:  >  >>