للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويك أن من يكن له نشبٌ يُحـ ... ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر

خفضًا ما لديكما غير الدهـ ... ـر ولابد للضريك بصبر

فلعلي أن يكثر المال عندي ... ويعرى من المغارم ظهري

وقد جعلهما ورقة عرسين كما ترى. والنموذجية في مسلكه لا تخفى.

وقول علقمة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصيرٌ بأدواء النساء طبيب

يُردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهن عجيب

مما يجري هذا المجرى، وإن لم يك قد جاء به في نموذج المرأة المغاضبة. والحق أن ذكر الصحو كما في قول زهير:

صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله

وذكر بكاء الشباب بمعرض الإقبال على جد المشيب مقارب المعاني لنموذج المرأة المغاضبة كما عند عبيد وكما عند ابن الأهتم وكما عند الجميح الذي رأيت. ثم الشاعر يحوّر بعد ذلك في النموذج لإيحاء التجربة كما تعلم. والمرأة المغاضبة نموذجيتها ما هي إلا ضرب من الكناية عن هواجس النفس إلى اللذات ومتع العيش ولهوه والإضراب عن الجد. والشاعر في النموذج يدّعي ذهاب الشباب ويبكيه إظهارًا للحنين والرقة. ثم إنه يقبل كالراثي لنفسه يدعي أن النساء تحامينه، لذهاب روقه، ثم إن ماله قد أنفدته المكارم فهذا يمنع أن يرغبن فيه كل المنع، وأن زوجته، وهي رمز النساء جميعهن في هذا الباب، ورمز سائر ما ترمز إليه النساء من معنى المرح واللهو، قد أقبلت عليه تلحاه، وأنه إزاء هذا كله لا يرى أن يعني نفسه بما لا يستطيع مما كان لديه وفاته، ولكنه يرى أن يزبرها ويزجرها، فإن رضيت أقامت وإن لم ترض رحلت غير مأسوف عليها وخير لها أن تقني حياءها وتقيم. ذلك بأن لم يبق لديه من داعي

<<  <  ج: ص:  >  >>