للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن فسر قوله «أم أحست أهل خروب» بقوله «مرت براكب ملهوزٍ» - كأن راكب الملهوز هذا من أهل خروب. وإنما هي فكرة أخرى عنت له بعد فكرته الأولى التي لم يرض عنها كل الرضا في مذهب الادعاء والتبرير. وأحسب «ليال» إنما وهم من ههنا حين ذهب إلى ما ذهب إليه. كما قد وهم أيضًا في حمل قوله «وهي صادقة» على النعت، وإنما هي جملة حالية.

ثم التفت الجميح، في مسرحية واضحة، من إيراد الحديث على لسان أميمة، فجاء بأسلوب الخطيب في قوله:

يأبى الذكاء ويأبى أن شيخكم ... لن يعطى الآن عن ضربٍ وتأديب

وهنا قد يُسال الجميح؟ فمن ضربه، ومن أدبه؟ والجواب عن هذا، في ظاهر ما يذهب إليه أسلوب الشراح أنه مثلٌ تمثل به -يريد أنه شيخ مجرب وليس كالولد الصغير الذي يضرب ويؤدب. وإنما الذي هو كالولد الصغير يُضرب ويُؤدب ويُخوف من الذئب لأنه لو لم يؤخذ بهذا المأخذ لخيف عليه أن يصاب، ليس إلا أمامة- تلك التي حردت حرده فهي لبؤة جرداء تخيفه وتفزعه، أما إذا كان أمر ذو جد، «فذو علقٍ تظل تزبره من خشية الذيب».

وقد أوحى الجميح إلينا بما كان في هذا الذي جاء به، ينظر فيه إلى النموذج ويبالغ ويهول، ليتستر وليبرر. ونحن في حل أن نظن غير بعيدين من إصابة الحق أنه قد وقع بينه وبين امرأته. وقد كان أسنّ منها بدليل ما يذكره عن نفسه معتدًا مدافعًا مهتاجًا من خبرة الشيخوخة وحنكتها- شيء ما يقع بين النساء وأزواجهن. فتجاوز هذا الشيء مداه إلى أن يخالفها هو في تأديب بعض الصبية وهذا مفهوم ضمنًا من قوله «مجريةٌ جرداء تمنع غيلاً غير مقروب» فتخالفه في ذلك ويغلب أمرها على أمره. وتجاوز هذا الشيء مداه أيضًا إلى أن يعرض هو لها بأهلها وإلى أن يعرض لها برجل و

<<  <  ج: ص:  >  >>