للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجال غرباء تحدثت إليهم. وإلى أن تنالها يداه بضرب لطمةٍ فما جاوزها. والتعذيب والضرر هو ما كان من بعد هذه اللطمة من إعراضها وصمتها وإضرابها عنه أيما إضراب. ولقد كان ينفعه لو قالت له بدل هذا الصمت، «لم تضربني وكيف تبتغي تأديبي بالضرب ومثلي لا يؤدب بالضرب بعد هذا النضج؟ -» وإذن لا نفتح باب من الأخذ والرد ربما عنّت منه سبيلٌ إلى التراضي وراحة الفؤاد.

ولا ريب أن قوله:

ولو أصابت لقالت وهي صادقةٌ ... إن الرياضة لا تنصبك للشيب

مما كان يود لو قالته هي له بدليل قوله، في المطلع «أمست أمامة صمتًا ما تكلمنا» - وانس أهل خروبٍ وراكب الملهوز، فإن الكلام أكثر استقامة بهذا. ويكون «شيخكم» في قوله:

يأبى الذكاء ويأبى أن شيخكم ... لن يُعطي الان عن ضربٍ وتأديب

إنما هو «شيختكم» وإنما هو «أمامة» ونموذج الملاحاة مما يسمح كما رأيت عند عبيد بتصغيرها وتكبيرها معًا. وهذا أشبه من أن تجعل الضرب والتأديب تمثيلاً.

وهذا مثل قول الأخرى:

ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه ... أم الطعام ترى في ريشه زغبا

حتى إذا آض كالفحال شذبه ... أباره ونفى عن متنه الكربا

أنشا يمزق أثوابي ويضربني ... أبعد ستين عندي يبتغي الأدبا

وبعد هذه المقدمة النمامة جاز له أن يلتفت بقوله:

أما إذا حردت حردي فمجريةٌ ... جرداء تمنع غيلاً غير مقروب

وإن يكن حادثٌ يُخشى فذو علقٍ ... تظل تزبره من خشية الذيب

<<  <  ج: ص:  >  >>