للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعترف بالهزيمة إذ جمته نفسها كما حمته أطفالها. وهو لا هي قد آض بمنزلة الطفل ذي العلق أمامها. والتشبيه مزدوج- فيه إشعاره بضعفه كما ترى، وفيه أيضًا إشعار بسطوتها إذ تبدو معرضة صامتة ولعلها كانت تبكي بدموع مسترسلات خافتات الجرس كدموع الطفل الصغير.

ثم رام الشاعر أن يخادعنا برجعة إلى النموذج بأن يذكر وجهًا ثالثًا غير أهل خروب وغير راكب الملهوز- فمهد لهذا الخداع بتذكيرنا أولاً بالذي كان بدأ به من ذكر أهل خروب:

فإن يكن أهلها حلوا على قضةٍ ... فإن أهلي الألى حلو بملحوب

أي إن يكن لها قوم تعتز بها فإن لي قومًا أعتز بهم. وأضرب عن ذكر صاحب الملهوز لأنه لا معنى لذكره ههنا. وقد وهم «ليال» فحسب أن هذا البيت غير متصل بما بعده، لأن «لما» في قوله:

لما رأت إبلي قلت حلوبتها ... وكل عام عليها عام تجنيب

ليس لها ما تتعلق به. ولما متعلقة بأول الكلام كما لا يخفى -أمست صمتًا لا تكلمنا لما رأت إبلي إلخ ....

وأخذ الشاعر يزعم أن امرأته إنما أنكرت ما آل إليه من الفقر بعد أن أتلف إبله في المكارم وتوالت على صرمتها الباقية سنوات الجدب بما يزهقه هو من عشراواتها.

وما هذا الخداع الذي يخادعنا به الشاعر إلا حكاية لما رامه إليها من خداع بعد أن ضاق ذرعًا بهجرها وجبروتها.

كأن راعينا يحدو بها حمرًا ... بين الأبارق من مكران فاللوب

هذا في وصف الصرمة التي نقصتها حقوق الكرم واتقاء الذم بالقرى. ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>