للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ليال» أن قوله «ابنة الكبرى» (١) ينفي ما زعمه الشراح من خبر ابنة المنذر، وهذا وهم منه.

تراءت لنا يوم الرحيل بواردٍ ... وعذب الثنايا لم يكن متراكما

أما عذوبته فالحديث وهو يتأمل بريقه وأما كونه غير متراكم فنعت لتفلجه:

سقاه حبي المزن في متهللٍ ... من الشمس رواه ربابًا سواجما

والصورة ههنا يوقف عندها -إذ تعرض لنا كل بهجة الخصومة- غيث رباب ساجم، تضاحكه الشمس فهي برقه، وتلقى عليه من شعاعها ما تلقى من الألوان. وإلى هنا نظر طرفة حيث قال في المعلقة: «سقته إياة الشمس إلخ» ولا ريب أن المرقش عني بهذه الصورة إشراقة الفم والرباب السواجم ثناياه وما حولهن من ألقٍ وإثمدٍ:

أرتك بذات الضال منها معاصما ... وخذًّا أسيلاً كالوذيلة ناعما

أسيلا كالوذيلة أي ناضرا طلقا عليه لألاء. والوذيلة السبيكة من الفضة والمرآة. وهذا البيت في صفة الحديث كما ترى، إذ فيه حركة اليدين مع إسفار الوجه وإشراقه. ثم فيه بعد نظرة من الشاعر يدل عليها قوله «ناعما» - كأنه قد تأمل بشرة وجهها.

ثم بعد هذا التقريب، باعدها حتى أن تكون ظعينة، إذ لم يجعل بينه وبينها مسافة من بون السير ولكن دهرًا طويلاً من زمان المباعدة:

صحا قلبه عنها على أن ذكرة ... إذا خطرت دارت به الأرض قائما


(١) الترجمة الإنجليزية.

<<  <  ج: ص:  >  >>