وقد اجتهدت أحلام غير الملوك أن تضاهئ مثل الجنة في خرافات الأقاصيص. وألف ليلة وليلة في هذا الباب معروفة. والعجب أن قومًا قد جاءوا من بعد فما انفكوا يرومون مضاهأة ألف ليلة وليلة. وهي نفسها تعكس جانبًا من ترف العلية والملوك زمن الخلافة العباسية. وقد افتن نبلاء فرنسا وملوكها في هذا المذهب من لدن لويس الثاني عشر إلى أن طوحت بهم الثورة، وما خلا نابليون من رجعة إلى بعض أساليب من طوح بهم من مهدوا له. وليس ما يفعله نجوم هليوود وكواكبها ولفهم من أهل الترف، في زماننا هذا، عنا ببعيد.
ولقد قالت سيدتنا عائشة أم المؤمنين، في مجرى قصة الإفك، «فإذا عقد لي من جزع ظافر انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه. قالت: وكانت النساء إذ ذاك خفافًا، لم يهبلهن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام إلخ»(١) وكأن أمنًا عائشة بحديثها هذا كنت تنعي ما آض إليه الناس بعد الفتوح من تلحيم النساء وتشحيمهن قالوا وضعت جارية إصبعها على شيء بعيد ما وراء عائشة بنت طلحة تروزه أهو منها أم لا، فإذا هو كفلها وقال أبو الطيب:
بانوا بخرعوبة لها كفلٌ ... يكاد عند القيام يقعدها
فتأمل.
وفريق من العرب وممن يحذو حذوهم ما زالوا إلى عهدنا هذا يطعمون الفتيات لتيت الخبز ويأمرونهن بالاستلقاء على أوجههن لتضخم من ذلك أكفالهن فيكن مثلاً في النعمة الدالة على عتق الأصل. ولا يخفي أن الإماء قد كن من أفعل شيء لهذا، ليضاهين به سيداتهن.