للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر تجارة قريش، ورحلات النابغة وحسان وعلقمة بن عبدة والأعشى، وعمرو بن كلثوم القائل:

وكأسٍ قد شربت ببعلبك ... وأخرى في دمشق وقاصرينا

وكثير غيرهم. وسترى إن شاء الله في باب الحديث عن الخمر والأغراض أن العرب مما كانوا يفخرون بمثل هذا من صنيعهم في إبعاد السفر، وقد تقدم إليك الماع بشيء منه.

وقد بلغ من اتصال العرب بالروم أن بعضهم كان يتعصب لهم على الفرس وأحسب أكثر هؤلاء كانوا من أصل يمني. وكان مضر فيما يبدو تتعصب لفارس وأحسب أنه تعصبها الذي حمل بعض نسابيها على أن يلحقوا مناذرة الحيرة بنسب معد ابن عدنان، إذ زعموا أنه من أشلاء قنص بن معد (١)، وقصة سورة الروم في القرآن تكشف جانبًا من أمر هذه العصبية فيما ذكره المفسرون، والله أعلم (٢).

وأمر دخول النصرانية في العرب أول أمرها من طريق الاتصال بالروم معروف، وذكر الرهبان والصوامع كثير في الشعر. والمام مثقفي العرب في الجاهلية بأخبار الأمم السالفة من الروم وغيرهما الماما على وجه من الوجوه يشهد به شعرهم أيضًا كقول النابغة في خبر سيدنا سليمان:

وخيس الجن أني قد أذنت لهم ... يبنون تذمر بالصفاح والعمد

وتشهد به السيرة كدعوى النضر بن الحارث أن سيربي على إبداع القرآن بما يقصه من أخبار اسفنديار ورستم (٣). ويشهد به القرآن إذ قد جابه العرب مجابهة


(١) السيرة ١/ ٨.
(٢) تفسير الطبري ٢١ - ١٥ إلى ٢٢.
(٣) السيرة ١/-٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>