للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هداية وتذكير وعظة وعبرة وزجر ناقد فكشف مما كانوا عليه أيما كشف. وخبر سيدنا سليمان في القرآن خاطب العرب بما يعهدون من الإعجاب في صنائع الأمم المجاورة والسالفة في نحو قوله تعالى من سورة النمل {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} - قال الطبري (١) «واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله خص سليمان مسألة الملأ من جنده إحضار عرش هذه المرأة من بين أملاكها قبل إسلامها- فقال بعضهم إنما فعل ذلك لأنه أعجبه حين وصف له الهدهد صفته، وخشي أن تسلم، فيحرم عليه مالها، فأراد أن يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها. ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال، ثنا أبو سفيان، عن معمر عن قتادة، قال: أخبر سليمان الهدهد أنها خرجت لتأتيه، وأخبر بعرشها فأعجبه. كان من ذهب وقوامه من جوهر مكلل باللؤلؤ إلخ».

وقال تعالى: {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} - والتنكير صناعة وافتنان كما ترى. قالوا (٢) «أمرهم أن يزيدوا فيه وينقصوا منه».

وقال تعالى {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} - وفي هذا من الإشارة إلى عجب الصنعة ودقتها ما ترى.

وقال تعالى في سورة سبأ: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ (٣) وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} قال الطبري وروي فيما رواه «وتماثيل- يعني أنهم يعملون له


(١) تفسير الطبري ١٩ - ١٦٠.
(٢) نفسه.
(٣) كالجوابي بالياء وصلا في قراءة أبي عمر ولا وقفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>