للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن أنه كان نصرانيًا أو متأثرًا بالنصرانية وأن حية نمط من «يحيى» وعسى أن تكون «حنة» بالنون، على ما نستبعد هذا، وإن كان التحريف لممًا يقع في الرواية.

وخبر الخورنق والسدير والمشقر والحضر كل ذلك معروف، بله قصور اليمن.

وقد كانت العرب مما تعجبها تماثيل الروم، يدلك على ذلك خبر عمور بن لحي حيث ذكروا أنه جاء بالأصنام من الشأم.

وفي التفسير ما ينبئ عن أن العرب كانت تستملح وتستقبح فيما تتخذه لأصنامها من أحجار فهذا يقوي الاستشهاد بما قدمنا من خبر عمرو بن لحي. قال تعال {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} في سورة الجاثية. قال الطبري يرويه (١) «كانت قريش تعبد العزى وهو حجر أبيض حينًا من الدهر. فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأول وعبدوا الآخر. فأنزل الله أفرأيت من اتخذ إله هواه». وقال عنترة في تشبيه المرأة وقد مر بك:

كأنها صنمٌ يُعتاد معكوف

ولا ريب أن هذا الذي شبه به كان صنمًا جميلاً لإلاهة معبودة، مما استجلب على عهد عمرو بن لحي أو بعده. إذ لا تجد العرب يشبهون بمناة واللات والعزى وأضرابهن ولو قد كن جميلات لفعلوا- وقد كانت ضخامتهن مما يجعل استجلاب ما يصلح لهن من مشارف الشام عسيرًا، فكانوا يكتفون بما يقوون عليه من ضعيف النحت ويزينونهن كالنساء، كما تقدم منا الإلماع إليه (٢) وربما استجلبوا فانكسر عضو مما استجلبوه ولا يقدرون على إصلاحه، فيجعلون مكان ما انكسر بديلاً من ذهب، كأنهم يرمزون بذلك إلى نفاسة ما فقدوه (٣).


(١) الطبري- ٢٥ - ١٥٠.
(٢) راجع قبله (رموز الأنثى ورمزيتها) والسيرة ١/ ٣٢ وكتاب الأصنام-٨.
(٣) كتاب الأصنام- ٢٨ ومر في هامش رموز الأنثى من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>